بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته
(( المحبة الزوجية ))
من المحبة النافعة في
الدنيا والآخرة
~~~~~~ ** ~~~~~
قال
الإمام ابن القيم -رحمه الله- :
[فمن المحبة النافعة : محبة الزوجة ، وما ملكت يمين الرجل ؛ فإنها معينة على ما
شرع الله سبحانه له من النكاح وملك
اليمين ، مِن إعفاف الرجل نفسَه وأهلَه ؛ فلا تطمح نفسُه إلى سواها من
الحرام ،ويعفها فلا تطمح نفسُها إلى
غيره ، وكلما كانت المحبة بين الزوجين أتم وأقوى كان هذا المقصود أتم وأكمل .
قال تعالى: {هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها }.
وقال: {ومن
آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة}.وفي الصحيح عنه -صلى
الله عليه وسلم- أنه سئل من أحب الناس إليك؟ فقال: ((عائشة)).ولهذا كان مسروق -رحمه الله- إذا حدث عنها يقول: حدثتني
الصديقة بنت الصديق ، حبيبة رسول الله المبرأة من فوق سبع سموات.
وصح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((حبب إلي من دنياكم النساء والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصلاة )).
فإن كل محبة زاحمت محبة الله ورسوله بحيث تضعفها وتنقصها ، فهي مذمومة.
فلا عيب على
الرجل في محبته لأهله ، وعشقه لها ، إلا إذا شغله ذلك عن محبة ما هو أنفع
له ؛ من محبة الله ورسوله ،
وزاحم حبَّه وحبَّ رسوله .
وإن أعانت على محبة الله ورسوله ، وكانت من أسباب قوتها ، فهي محمودة .
ولذلك كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحب الشراب
البارد الحلو ، ويحب الحلواء والعسل ،ويحب
الخيل ، وكان أحب الثياب إليه القميص ، وكان يحب الدباء .
فهذه المحبة لا تزاحم محبة الله ، بل قد تجمع الهمَّ والقلب
على التفرغ لمحبة الله ، فهذه محبة طبيعيةتتبع نية صاحبها ، وقصده بفعل ما يحبه .
فإن نوى به القوة على أمر الله تعالى وطاعته كانت قربة ،
وإن فعل ذلك بحكم الطبع والميل المجردلم
يثب ولم يعاقب ، وإن فاته درجة مَن فعله متقرباً به إلى الله .
فالمحبة النافعة ثلاثة أنواع :
محبة الله ، ومحبة في
الله ، ومحبة ما يعين على طاعة الله تعالى ، واجتناب معصيته.
والمحبة الضارة ثلاثة أنواع :المحبة مع الله ،
ومحبة ما يبغضه الله تعالى ، ومحبة ما تقطع محبته عن محبة الله تعالى أو
تنقصها.
فهذه ستة أنواع ، عليها مدار محاب الخلق .
فمحبة
الله -عز وجل- أصل المحاب المحمودة ، وأصل الإيمان والتوحيد ، والنوعان
الآخران تبع لها .
والمحبة مع الله أصل الشرك ، والمحاب المذمومة والنوعان
الآخران تبع لها .
ومحبة
الصور المحرمة ، وعشقها من موجبات الشرك ، وكلما كان العبد أقرب إلى الشرك
وأبعد من الإخلاص ؛ كانت محبته بعشق
الصور أشد .
وكلما كان أكثر إخلاصاً ، وأشد توحيداً ؛ كان أبعد من عشق
الصور .
ولهذا أصاب امرأة العزيز ما أصابها من العشق لشركها .
ونجا
منه يوسف الصديق -عليه السلام- بإخلاصه.
قال تعالى: {كذلك لنصرف
عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين}.فالسوء : العشق ، والفحشاء: الزنا .
فالمخلص قد خلص حبه لله فخلصه الله من فتنة عشق الصور ،
والمشرك قلبه متعلق بغير الله ، لم يخلص توحيده
وحبه لله -عز وجل .
المصدر
إغاثة اللهفان من مصايد
الشيطان (481-482) - طبعة دار الآثار - الجزء الثاني]