سورة المائدة تناولت السورة موضوع التشريع بإسهاب إلى جانب موضوع
العقيدة وقصص أهل الكتاب ، وفيها التوصية بأهمية الوفاء بالعقود والمواثيق
بكل أنواعها .
1- وقد ابتدأت السورة بالحديث عن بعض الأحكام الشرعيّة وأهمها : أحكام
العقود والذبائح والصيد والوضوء ، وأمرت بالاستقامة والعدل وذلك لبيان
الحلال والحرام ، مذكرة بنعم الله تعالى الجليلة على عباده بالهداية إلى
الإسلام ودفع الشرور عنهم ،من قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ
.. {1} ) إلى قوله تعالى : ( ... وَاتَّقُواْ اللّهَ وَعَلَى اللّهِ
فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ {11})
2- أعقبت ذلك ببيان الميثاق الذي أخذه الله تعالى على أهل الكتاب ونقضهم
إياه ، ومعاقبة الله تعالى لهم بتسليط بعضهم على بعض ، وفي الآيات دعوة
إلى الاهتداء بنور القرآن الكريم ،من قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَخَذَ
اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ
نَقِيـباً ... {12}) إلى قوله تعالى : ( .. فَقَدْ جَاءكُم بَشِيرٌ
وَنَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {19})
3- ذكر تعالى تمرد بني إسرائيل وعصيانهم لأمر الله لهم بالقتال في سبيله
،وعقابه تعالى لهم بجعلهم يتيعون في الأرض أربعين سنة ، من قوله تعالى :
(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ
عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء... {20}) إلى قوله تعالى :
(فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ {26})
4- ثم ذكر تعالى بعدها قصة ابني آدم قابيل وهابيل ، وعصيان ( قابيل )
وقتله النفس البريئة التي حرمها الله ، أعقبها ببيان عاقبة الإفساد في
الأرض ، وفتح باب التوبة للتائبين وبين في الآيات عقاب الضالين ، كما بين
حد السرقة وأنه تعالى غفار لكل من آمن وتاب ، من قوله تعالى : (وَاتْلُ
عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ... {27}) إلى قوله تعالى : (
.. يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ {40})
5- وأعقب ذلك بذكر أمر المنافقين و اليهود في حسدهم للنبي صلى الله عليه
وسلم وتربصهم به وبأصحابه الدوائر، وبينت الآيات أن الله تعالى سيعصم
رسوله من شرّهم وينجيه من مكرهم ، ثم ذكرت ما أنزل الله من أحكام نورانية
في شريعة التوراة والإنجيل والقرآن الكريم فكلها كتب سماوية فيها حكم الله
تعالى وقد نسخها القرآن الكريم وجاء الأمر الإلهي باتباع أوامر الله تعالى
فيه ، من قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ
يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ... {41}) إلى قوله تعالى : (أَفَحُكْمَ
الْجَاهِلِيَّةِ يـَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمـاً
لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ{50})
6- حذرت الآيات بعدها من موالاة اليهود والنصارى ، وعددت جرائم اليهود وما
اتهموا به الذات الإلهية المقدسة من شنيع الأقوال وقبيح الفعال ، من قوله
تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ
وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ.. {51}) إلى قوله
تعالى : ( ... مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء
مَا يَعْمَلُونَ {66})
7- أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم في الآيات بتبليغ الدعوة
ووعده بالحفظ والنصرة ثم بين تحريف أهل الكتاب لكتبهم السماوية وكفرهم
بالرسل الذين أرسلوا من الله إليهم ، واعتقادهم بألوهية عيسى عليه السلام
، وبين تعالى في الآيات سخطه على أهل الكتاب فقد كانوا لا يتناهون عن
المنكر فيما بينهم ويتخذون الكافرين أولياء فكانت عاقبتهم الخلود في نار
جهنم ، من قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ
إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ.. {67}) إلى قوله تعالى : (وَلَوْ كَانُوا
يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ
أَوْلِيَاء وَلَـكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ {81})
8- ذكر تعالى أيضا أن اليهود في غاية العداوة للمسلمين ، وجعلهم قرناء
المشركين في العداوة وأن النصارى ألين عريكة من اليهود في التعامل مع
المسلمين ، ثم عاد إلى الأحكام الشرعية فذكر منها : كفارة اليمين ، وتحريم
الخمر والميسر ، وجزاء قتل الصيد في حالة الإحرام ، من قوله تعالى :
(لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ
وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ.. {82}) إلى قوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ
الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ
عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُواْ اللّهَ
الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ {96})
9- ذكر تعالى أنه جعل الكعبة قياما للناس ، وركز في القلوب تعظيمها ، وجاء
في الآيات نهي الناس عن السؤال عن أشياء إن بدت لهم أحزنتهم كحال آباءهم
في الجنة أم في النار ، كما جاء في الآيات ذم للمشركين حين أحلوا ما حرم
الله تعالى كما تضمنت الآيات دعوة لإصلاح النفس وتهذيبها ، من قوله تعالى
: (جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاسِ..
{97}) إلى قوله تعالى : (إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً
فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {105})
10- ذكر تعالى أهمية الوصية عند دنو الأجل وأمر الناس بتقوى الله ، من
قوله تعالى : (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ
إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ {106}) إلى قوله
تعالى : ( ذَلِكَ أَدْنَى أَن يَأْتُواْ بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا
أَوْ يَخَافُواْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا
اللّهَ وَاسْمَعُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ {108})
11- أخبر تعالى عن يوم القيامة وأهواله وسؤاله للرسل عن أممهم ، وانتقل
الحديث في الآيات للإخبار عن المعجزات التي أيد بها الله عبده ورسوله عيسى
عليه السلام وذكر تعالى معجزة المائدة التي أنزلها على بني إسرائيل من
السماء ، وختم السورة الكريمة ببراءة المسيح عيسى بن مريم عليه السلام من
دعوى الألوهية ، من قوله تعالى : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ
فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ
عَلاَّمُ الْغُيُوبِ {109}) إلى قوله تعالى : (لِلّهِ مُلْكُ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ {120})
صدق الله العظيم